الألعاب الإلكترونية

[تأثيرها ودورها في اقتصاد المملكة العربية السعودية]

يقضي أغلب الناس معظم وقت فراغهم في استخدام أجهزتهم المحمولة، وجزءٌ كبيرٌ لا بأس به من وقتهم يذهب للألعاب الإلكترونية، وربما تحديداً ألعاب الهاتف المحمول باختلاف أنواعها وفئاتها، لسهولة حمله والتنقل به في أي مكان، فأي شخص يملك هاتفاً بإمكانه أن يكون لاعباً.

قطاع الترفيه في المملكة العربية السعودية أصبح الآن قطاعاً واعداً أكثر من أي وقت مضى، وتحديداً قطاع الألعاب الإلكترونية، وكما يُقال الأرقام دائماً لا تكذب، حيثُ تحتل المملكة المركز التاسع عشر كأكبر سوق للألعاب الإلكترونية في العالم، مع إيرادات تبلغ قيمتها أكثر من 2 مليار ريال سعودي، ونسبة نمو سنوية تصل إلى 41%، وأكثر من 21 مليون لاعب!

بالحديث بلغة الأرقام، في استطلاع آراء أجراه موقع Statista للمستخدمين لمعرفة نسبة الذين يلعبون ألعاب الهاتف في المملكة وتصنيفاتهم المفضلة في الألعاب، كانت نتائجه كالتالي:

  • 88% ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً يلعبون ألعاب الهاتف الإلكترونية.
  • 76% من البالغين يلعبون ألعاب الهاتف الإلكترونية.
  • أنواع الألعاب المفضلة تشمل ألعاب المغامرة والإثارة، والرياضة، والألغاز.

يوجد في الشرق الأوسط أحد أسرع مجتمعات اللاعبين الذين يلعبون ألعاب الفيديو عبر الإنترنت نمواً في العالم، وتمتلك المملكة العربية السعودية حيزاً كبيراً منه، وسوق الألعاب الإلكترونية في المملكة يعيش حالة توسع ونمو ليصبح الأكبر في دول مجلس التعاون الخليجي، كما أشارت دراسة أجرتها شركة Strategy& Middle East وهي جزء من شركة PwC. إذ  يعتبر مراقبو هذه الصناعة والمهتمون بها بأن هذه الظاهرة التي تشهدها المملكة في نموها السريع في سوق الألعاب، هي ظاهرة مثيرةٌ للانتباه وملحوظة، نظراً إلى أن الرياضات الإلكترونية ظهرت مؤخراً نسبياً في المملكة، تلك التغيرات الاجتماعية السريعة كانت مدفوعة بلا شك بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأتها خطة ورؤية 2030 في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في المملكة.

نرى الآن كثيراً من القطاعات الحكومية والخاصة، المحلية والعالمية في المملكة، بدأت تُعير انتباهها إلى قطاع وسوق الألعاب الإلكترونية، لما شهدته من إقبال ونمو سريع في الشعبية وتأثير واضح وملفت على اقتصاد المملكة في قطاع الترفيه، وهناك الكثير من الأحداث والتغيرات التي تدعم ذلك، منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • إنشاء العديد من مراكز وملاعب الرياضات والألعاب الإلكترونية مثل Challenge Arena وغيره، مما يشير إلى زيادة في الشعبية والإقبال على الألعاب الإلكترونية.
  • تحقيق عدد من اللاعبين السعوديين مراكز متقدمة ونتائج عالية المستوى في الرياضات الإلكترونية العالمية، ففي عام 2018 حصل لاعب الفيفا FIFA “مساعد الدوسري” على كأس FIFA eWorld Cup ليصبح أول مواطن سعودي يحصل عليه، وهو الحدث الذي حاول أكثر من 20 مليون لاعب حول العالم التأهل له.
  • استضافة المملكة لبطولات الألعاب الإلكترونية العالمية، مثل استضافة البطولة العالمية للعبة Takken 7 بمشاركة 16 لاعب حول العالم، ضمن فعاليات معرض Gamers’Con East
  • اهتمام شركات الألعاب الإلكترونية العالمية بتعريب الألعاب لاستهداف وجذب اللاعبين في الشرق الأوسط.

في مطلع العام 2020 انتعش سوق الألعاب الإلكترونية في المملكة وازدهر أكثر من أي وقت مضى، إثر جائحة كورونا وماتبعها من قيود صارمة، وهو أمرٌ طبيعي مع قضاء الناس وقتاً أطول في منازلهم، فأصبحت الألعاب الإلكترونية أحد أركان الترفيه الأساسية، بل وأيضاً أحد وسائل التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء وأفراد العائلة لقضاء وقت ممتع، لكن حتى بعد إزالة القيود التي تبعت الجائحة، لم يتباطأ الطلب على الألعاب الإلكترونية المحمولة وتنزيلها، فوفقاً لتقرير حديث صدر عن مزود بيانات وتحليلات الهاتف المحمول App Annie بالتعاون مع IDC، قام المستخدمون في جميع أنحاء العالم بتنزيل ألعاب أكثر بنسبة 30% في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالربع الأخير من عام 2019، وأنفق المستخدمون رقماً قياسياً ضخماً قدره 1.7 مليار دولار أسبوعياً في ألعاب الهاتف في الربع الأول فقط من عام 2021! قادت الولايات المتحدة وألمانيا الأسواق الأخرى من حيث النمو في الإنفاق على ألعاب الهاتف المحمول على أساس سنوي اعتبارًا من الربع الأول من عام 2021 في أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، على التوالي. بينما قادت المملكة العربية السعودية وتركيا النمو في بقية العالم.

النمو المتنامي السريع للاعبين الألعاب الإلكترونية في المملكة يعني استهلاك المزيد من البيانات، مما سيفتح فرصاً وآفاقاً تجارية كُبرى لشركات الاتصالات لتنويع محفظتها من الخدمات، وفي أحدث خطوة من حكومة المملكة لدعم قطاع الألعاب الإلكترونية وتشجيع الاستثمار فيه، أطلقت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات CITC مبادرة (Game mode) لدفع المنافسة بين مشغلي الاتصالات لتقديم أفضل تجربة ممكنة للاعبين، ويشمل ذلك إطلاق جائزة ربع سنوية لمزودي خدمة الإنترنت مع أفضل وقت استجابة لألعاب الفيديو، والذي يعد بدوره مؤشر رئيسي لقياس أداء الشبكة.

الاهتمام بسوق الألعاب الإلكترونية في المملكة العربية السعودية ليس فقط من جانب القطاع الحكومي ومؤسساته، بل أيضاً من جانب القطاع الخاص، فهناك عددٌ من الشركات الخاصة المختصة في قطاع الألعاب الإلكترونية وسوقه، والتي برزت في السنوات الأخيرة الماضية في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية وتطويرها ونشرها.

شركة يومكس ستوديو UMX Studio السعودية، بدايتها كانت مجرد فكرة في عام2014، في بداية ازدهار ونهضة سوق الألعاب الإلكترونية للهاتف المحمول، ثم انطلقت على أرض الواقع بجهود نخبةٌ من فريق عمل شغوف ومبدع في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية وتطويرها، لتصبح الآن إحدى الشركات الرائدة في مجال تطوير الألعاب ونشرها، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد نجحت في جذب جمهور واسع يكبرُ كل يوم من اللاعبين المعجبين، حيث وصل عدد اللاعبين إلى أكثر من ٢ مليون لاعب شهرياً.

كما أن تأثير أعمال يومكس ستوديو وصل أيضاً إلى صناع المحتوى من اللاعبين والمهتمين بمجال الألعاب الإلكترونية وتطويرها، فنرى اليوم تغطيات في اليوتيوب تستعرض لعباً مباشراً لأحد ألعاب الأستوديو الشهيرة، وأخرى في تطبيق التيك توك يناقش مميزات اللعبة وإصداراتها الأخيرة، وغيرها الكثير في مختلف وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي.

ترشحت مؤخراً أحد أشهر ألعاب يومكس ستوديو “ملك الطارة” كأفضل الألعاب في شهر رمضان الماضي في 13 دولة على نظام أبل iOS.

ستواصل الشركة نموها وتطورها في مجال الألعاب الإلكترونية وصناعتها، وسيشمل في المستقبل بإذن الله تطوير الألعاب الإلكترونية لمختلف المنصات كي تصل إلى جمهور أكبر من عشاقها اللاعبين، وبالتأكيد سيعزز ذلك لدى اللاعبين انتماءهم وفخرهم الثقافي السعودي والعربي.

إلى جانب ذلك تسعى يومكس ستوديو دائماً إلى توظيف واستقطاب المتميزين والمهتمين بالألعاب الإلكترونية وتطويرها، وتوفير فرص تدريب للطلاب المبدعين وحديثي التخرج المهتمين في قطاع الألعاب الإلكترونية، سعياً لتحقيق أهداف وخطط (رؤية 2030) في قطاع الترفيه تحديداً، والمساهمة في تحسين الاقتصاد والإنتاج المحلي والنهضة بسوق الألعاب الإلكترونية في المملكة.

ختاماً قطاع الألعاب الإلكترونية في المملكة مازال ينمو ويتوسع بشكل كبير، ولكن مما لا شك فيه أن مجتمع اللاعبين في المملكة ينمو بشكل أسرع، والأرقام والإحصاءات في كل مرة تدهشنا وتشد انتباهنا، فقطاع الألعاب الإلكترونية أرضٌ خصبة وفرصٌ استثمارية ضخمة يجب استغلالها محلياً وعالمياً من قبل المهتمين فيه من مؤسسات خاصة وجهات حكومية ورواد أعمال.

المصادر:

  • As Saudi Arabia’s Love Of Online Gaming Grows, Developers Bloom (www.npr.com)
  • GRAPHIC: Saudi gaming spend leads Arab world (www.arabnews.com)
  • What makes Saudi Arabia the GCC gaming industry’s hotspot (www.arabnews.com)
  • Under The Microscope: Mobile Gaming in Saudi Arabia (www.adcolony.com)
  • Mobile game spending hits record $1.7B per week in Q1 2021 (www.techcrunch.com)
  • هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات CITC (www.citc.gov.sa)
  • 1.09 مليار دولار حجم الألعاب ومنافسات الرياضة الإلكترونية بالمملكة (www.alriyadh.com)
  • يومكس ستوديو UMX Studio (www.umxstudio.co)